"الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد أيها الإخوة المؤمنون: فإن سيدنا ونبينا محمدا صلى الله عليه وسلم الذي نحتفل اليوم بذكرى مولده هو رسول الله بدين الإسلام إلى الناس أجمعين، وهو خاتم الأنبياء والمرسلين، لقول الله تعالى في القرآن الكريم: "ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين"، وأنزل الله عليه القرآن الكريم خاتما لرسالات الله إلى جميع البشر على ظهر هذه الارض، فليس بعده نبي ولا رسول، وليس بعد رسالته رسالة، لقول الله تعالى في القرآن الكريم في آخر الآيات نزولا: "اليوم أكملت لكم دينكم*وأتممت عليكم نعمتي*ورضيت لكم الإسلام دينا".
اضاف: "كانت رسالته صلى الله عليه وسلم رسالة رحمة إلى الناس أجمعين، لقول الله تعالى في القرآن الكريم: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"؛ والقرآن الكريم الذي أنزله الله عليه هو نور وهدى للناس كلهم، وفي ذلك يقول الله تعالى في القرآن الكريم: "قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين*يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام*ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه*ويهديهم إلى صراط مستقيم". وهو النبي الذي أوحى الله تعالى إليه شريعته في القرآن الكريم كما أوحى إلى الأنبياء والرسل السابقين تماما وفي ذلك يقول الله تعالى في القرآن الكريم: "شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب (13)" الشورى: ??. وقد وصفه الله تعالى بالحرص على المؤمنين، وأنه بهم رؤوف رحيم فقال في القرآن الكريم: "لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم (128)" التوبة: ??? ؛ ووصفه الله بأنه صاحب الخلق العظيم فقال له في القرآن الكريم: "وإنك لعلى خلق عظيم".
وتابع: "ومن نماذج الأخلاق العظيمة، التي علمها الله للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأوصى المؤمنين بها قول الله تعالىفي وصف المؤمنين في القرآن الكريم: " وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما (63) والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما (64) والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما (65) إنها ساءت مستقرا ومقاما (66) والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما (67) والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما (68) يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا (69) إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما (70) ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا (71) والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما (72) والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا (73) والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما (74) أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاما (75) خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما (76)" الفرقان: ?? - ??".
أضاف المفتي قباني: "من أخلاق الإسلام العظيمة أيضا قول الله تعالى للنبي محمد صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم وهو تعليم أيضا للمؤمنين: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما (23) واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا (24) ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا (25) وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا (26) إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا (27) وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا (28) ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا (29) إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه كان بعباده خبيرا بصيرا (30) ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئا كبيرا (31) ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا (32) ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا (33) ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا (34) وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خير وأحسن تأويلا (35) ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا (36) ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا (37) كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها (38) ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة ولا تجعل مع الله إلها آخر فتلقى في جهنم ملوما مدحورا (39)" الإسراء: 23- ??".
وتابع: "من أخلاق الإسلام العظيمة أيضا قول الله تعالى في القرآن الكريم: "قد أفلح المؤمنون (1) الذين هم في صلاتهم خاشعون (2) والذين هم عن اللغو معرضون (3) والذين هم للزكاة فاعلون (4) والذين هم لفروجهم حافظون (5) إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين (6) فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون (7) والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون (
والذين هم على صلواتهم يحافظون (9) أولئك هم الوارثون (10) الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون (11)" المؤمنون: ? - ??. وفي القرآن الكريم أيها الأحبة سور وآيات هي تعاليم وأحكام في كل ما يحتاجه الإنسان لحياته الدنيا والآخرة، وفي السنة النبوية الشريفة أيضا من حديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم، تفاصيل كثيرة عن عقيدة وأخلاق وتشريعات الإسلام. كل ذلك وغيره كثير ما جعل العلامة شيريل عميد كلية الحقوق بجامعة فينا في النمسا يقول في مؤتمر للحقوقيين عقد في باريس في الثلاثينات من القرن الماضي: "إن البشرية لتفتخر بانتساب رجل كمحمد إليها، ذلك أنه رغم أميته قد استطاع قبل بضعة عشرة قرنا أن يأتي بتشريع سنكون نحن الأوروبيين أسعد ما نكون لو وصلنا إلى بعد ألفي عام".
وقال مفتي الجمهورية: "هذا هو النبي محمد صلى الله عليه وسلم وهذه هي رسالته، فلنراجع هذه الرسالة في القرآن الكريم وفي السنة النبوية الشريفة، لنرى أين تقدمنا وأين تأخرنا في مجالات كثيرة في حياتنا، ولنعد لنقرأ في القرآن الكريم مرة ثانية قول الله تعالى: "قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين*يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام*ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه*ويهديهم إلى صراط مستقيم".
هذا ما أردنا أن نذكر به في ذكرى مولد خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم، لعل الذكرى تنفع المؤمنين".
وتابع: "نود أن نذكر اللبنانيين في هذه الذكرى النبوية الشريفة، أن الحوار في الحياة هو الأساس في حل كافة الخلافات بين الناس، وعليه نبني الآمال في التوصل إلى حلول في حياتنا العامة، لتحقيق ما نصبو إليه من استقرار، وهذا يتطلب من القادة السياسيين مزيدا من الجهد والعمل في إطار الحوار، وفي المؤسسات الدستورية، لأن الحوار هو السبيل الوحيد لإنقاذ وطننا لبنان. وعلينا أن ندع كل النزاعات والسجالات السياسية جانبا، لأنها لا تؤدي إلا إلى الانقسام والتشرذم والضعف، فكلنا أبناء هذا الوطن، فلا يجوز أن يصارع بعضنا بعضا أو أن نتصارع على الوطن، بل يجب أن تسود الأخلاق العالية والمحبة والتعاون بين اللبنانيين، وأن نهيء الأجواء المناسبة للانتخابات النيابية المقبلة، لكي تكون نموذجا في التعبير عن اختيارات اللبنانيين لوطنهم، بعيدا عن أي مشاكل تضر بالجميع".
وختم المفتي قباني: "إن وطننا لبنان أيها الإخوة، بحاجة إلى الكلمة الطيبة التي تبني ولا تهدم، وتوحد ولا تفرق، وتجمع ولا تشتت، نقولها ونعمل بها بصدق وأمانة، لننقذ أنفسنا ووطننا لبنان من الانهيار. كما وأن وحدة الصف العربي هي الأساس في مواجهة العدو الإسرائيلي، ونأمل نجاح القادة العرب في قمتهم المقبلة بالدوحة، وتجاوز خلافاتهم، والعمل معا من أجل نهضة الأمة العربية، وإزالة معاناة الشعب الفلسطيني من الصهاينة الذين يريدون شرا بكافة العرب وبلدانهم. وكل عام وأنتم بخير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".